عام الأمر الواقع 2022

مالك الروقي
4 min readJan 1, 2022

--

ربما يكون العام الجديد عام أوروبا بامتياز !

وستكتظ نشرات الأخبار بما سيحدث في القارة العجوز ، فهذه القارة ستكون أمام كماشة النفوذ الروسي بشكل غير مسبوق ، حيث تتمدد روسيا شرقاً وهي تهدد بابتلاع أوكرانيا ، وسواء ابتلعتها أم لم تفعل فهي استطاعت عملياً وضع القارة أمام الأمر الواقع.

واقع لاتستطيع فيه تجاوز الخطوط الحمراء الروسية !

في ذات الآن ستلعب الانتخابات الفرنسية دوراً في دفع الصراع لمناطق أكثر شراسة وحدة ، حيث من المتوقع أن ينتصر اليمين المتطرف في الانتخابات 2022 وهذا ماسيدفع القارة للانعزال أكثر عن دائرة النفوذ المرن الذي كانت تمارسه سابقا في العالم ! وسيزيد من خياراتها الشرسة تجاه القضايا الملحة ، وفي المقابل تشهد حليفتها الرئيسية المانيا حالة جديدة بعد مغادرة السيدة الأقوى في أوروبا انجيلا ميركل ، لاول مرة بعد 16 عاما تدخل المانيا عامها الجديد دون ميركل وهذا ماقد يؤثر على الطريقة التي كانت تعمل بها المانيا وفرنسا سوياً في إدارة القارة ، وستزداد الهوة بين تركيا وأوروبا هذا العام بسبب صعود اليمين المتطرف في حال نجاحه في الانتخابات ، وبسبب عدم حماس البيت الأبيض في التعامل مع تركيا بالإضافة للحياد التي ستتخذه تركيا في الأزمة الأوكرانية ويتزامن كل ذلك مع رغبة تركيا بتعزيز نفوذها في مايسمى بالعالم التركي المحاذي لروسيا ولم تعد الرغبة التركية حاضرة للانضمام للنادي الأوروبي خصوصا بعد المغادرة البريطانية لهذا النادي مما ضعضع فاعليته في نظر العالم نسبياً .

هذا العام سيكون مصيرياً بشأن الملف النووي الإيراني

في ظل التعثر الواضح والجلي في ملف المفاوضات الخاصة بالنووي الإيراني ستضع إيران العالم أمام أمر واقع ، لذلك أسميناه بعام الأمر الواقع !

فلا يلوح في الأفق أي بوادر أو مصلحة لدى إيران بالتراجع عن تخصيب اليورانيوم ، بل لاتشكل ادارة بايدن الحالية أى ضغط استثنائي يجعل طهران تخاف أو تتنازل خصوصا بعد السقف الذي رفعه ترامب في العقوبات والضربات ، علماً أن الادارة الإيرانية الحالية أكثر تطرفاً من سابقتها وهذا ماسيرجح التصعيد والعناد في مستقبل الملف حتى لو كان هناك اتفاق شكلي فالالتزام الإيراني باعتقادي بات من الماضي ومشروع النووي دخل للنفق الذي لايمكن العودة منه إلا بحرب شاملة وهذا غير مطروح !

هذا التعثر سيخلق تقارباً بين إيران وبعض الدول العربية في ظل الانكفاء الأمريكي عن المنطقة ، وهو ماسيجعل الدول العربية أمام الخيارات الصعبة والجريئة لمواجهة إيران نووية والاستعداد لذلك وهو ماسيعزز أيضا الانكفاء الأمريكي عن المنطقة فدائرة الثقة بين أمريكا وأصدقائها في الشرق الأوسط تزداد اتساعاً وهذا قد يدفع لدول كايران والسعودية وتركيا بالوصول لاتفاقيات أو تفاهمات بشأن ملفات المنطقة المختلفة ، ويبقى السؤال الأهم هذا العام ماذا ستفعل إسرائيل أمام هذا الملف !

شمال أفريقيا والهدوء

هذا العام من المفترض أن يكون هادئ بشكل كبير على شمال أفريقيا ونتحدث هنا عن ليبيا وتونس فهناك رغبة بعدم فتح الجبهة هذه من كل الأطراف الدولية المتصارعة لأن الصراع تحول لمناطق أكثر سخونة وفاعلية علاوة على التقارب شرق الأوسطي وهو الأهم الذي سينعكس على المتصارعين المحليين ، فلا يبدو أن مايفعل الرئيس التونسي قيس سعيد يلقى معارضة تستطيع منعه من تنفيذ خطته الحالية.

أما في ليبيا التي تعيش الآن حالة من البرود للأزمة منذ وقف اطلاق النار، رغم الفشل في عقد الانتخابات الرئاسية ، لكن المسار العام يشير لاستمرار الفترة الانتقالية لأسباب كثيرة أهمها أن المصالحة الوطنية لم تكن صادقة بالمعنى الوطني ، بل كل الأطراف الليبية قامت بحركات تكتيكية ليست استراتيجية لتبريد الأزمة واعادة تصدير النفط وفتح الموانئ ، وعلى أرض الواقع مازال الشرق شرقاً والغرب غرباً والكل في خندقه ، وهذا مايشير لاستمرار حالة الجمود في الحل وستسمر الفترة الانتقالية ، وربما الأطراف بحاجة لتسوية جديدة تعزز مما اتفق عليه في جنيف والصخيرات .

الخليج واصلاح مجلس التعاون

هذا العام سيعيش الخليج حالة من التعافي الكبيرة اقتصادياً في ظل ارتفاع أسعار النفط والمشاريع الاقتصادية الضخمة واستضافة كأس العالم ، هذا العام باعتقادي سيكون عام “ اصلاح مجلس التعاون” حيث من المرجح أن تعاد هيكلة المجلس و آلياته بما يخلق مشاريع اقتصادية ضخمة تتفق مع الخطط الإستراتيجية لدوله التي اعلنت كل واحدة منهم عن “ رؤية” خاصة بها . ، هذه الهيكلة ستلعب فيها السعودية دوراً كبيراً لاعادة تنظيم المجلس اقتصاديا وعسكريا وسياسياً .

الصين والكوكب

فيما يبدو أن المشروع الصيني لايرتبط ببقية الملفات الدولية أو لايتأثر بها بالقدر الذي قد يعطله من الصعود الاقتصادي ، فالمشروع الصيني بضخامته وحجمه من الصعب ايقافه رغم كل المحاولات الأمريكية و الأوروبية في أحيان ، فالمشروع الصيني كرة ثلج ضخمة من الصعب ايقافها أو التأثير عليها استراتيجياً ، وهذا مايجعلنا لانعطيها البعد الاستقرائي .

أفريقيا والفوضى ، واليمن والحلول السياسية

يعيش الساحل الشرقي لقارة أفريقيا نشاط غير مسبوق في ظل الغفلة الدولية عنه ، من المرجع أن تأخذ الصراعات في اثيوبيا والصومال والسودان اشكالاً أكثر عنفاً ، وبروز لنشاط الجيش السوداني وتعزيز سلطته على السودان ، وكذلك استمرار المعارك في تيغراي و اديس ابابا.

بالنسبة لليمن من المتوقع أن يشهد الملف تحلحل في الوضع الميداني لمصلحة التحالف بشكل واضح لأسباب كثيرة من الصعب اختصارها وهذا ماسيرغم الحوثيين على الجلوس والتفاوض بأوراق أقل قوة .

--

--

مالك الروقي

صحافي سعودي .. يبحث عن الحقيقة .. يحاول ان يحلل واقعه من زاوية غير رغبوية